مع إطلالة شهر رمضان المبارك، تشهد أسواق مدينة جدة حركة نشطة وإقبالًا لافتًا على شراء السوبيا، المشروب التقليدي الذي يتربع على عرش المشروبات الرمضانية في المدينة، ويمثل جزءًا لا يتجزأ من موروثها الثقافي.
ويحرص أهالي جدة على تناول السوبيا عند الإفطار، لينعموا بمذاقها المنعش والبارد الذي يروي ظمأ الصائمين ويعوض ما فقده الجسم من سوائل خلال ساعات الصيام، فضلًا عن كونها مشروبًا طبيعيًا يخلو من أي مواد حافظة، مما يجعلها خيارًا صحيًا مفضلًا.
وتعود جذور السوبيا في غرب المملكة إلى عشرات السنين، وهي تختلف في مكوناتها وطريقة تحضيرها عن السوبيا المصرية المعروفة بإضافة الحليب وجوز الهند. تُحضر السوبيا التقليدية من مكونات بسيطة، تشمل الشعير، أو الخبز الجاف، أو الشوفان، ويُضاف إليها السكر وبعض التوابل الطبيعية لإضفاء نكهة مميزة، مثل: القرفة والهيل. وتتوفر السوبيا عادةً بلونين رئيسيين؛ الأبيض، وهو الأكثر شيوعًا ويتميز بمذاقه الحلو الخفيف، والأحمر، الذي يكتسب لونه المميز من إضافة نكهات طبيعية كالكركديه.
في جولة في أزقة جدة التاريخية، وتحديدًا في حارة المظلوم، التقينا أحد أبناء المدينة الذين توارثوا مهنة صناعة السوبيا. وقال إنه نشأ على أسرار هذه الحرفة، فقد تعلمها من والده الذي أمضى أكثر من ستة عقود في تحضير السوبيا. وكشف أنهم كانوا يبدأون الاستعدادات لشهر رمضان قبل أسابيع من حلوله، حرصًا منهم على توفير كميات كافية تلبي الطلب المتزايد على هذا المشروب، وما زالوا يحافظون على الطريقة التقليدية نفسها في صنع السوبيا.
وأكد أن ما يميز السوبيا التي تُعدّ في مكة المكرمة هو أنها تعتمد على المكونات الطبيعية فقط، وأن الدعم الذي تقدمه المملكة للحرف التقليدية والمهن التاريخية ساهم في تعزيز انتشار هذا المشروب، والحفاظ عليه كجزء من هويتنا الوطنية وموروثنا الحضاري.
ولا يقتصر دور السوبيا في شهر رمضان على كونها مجرد مشروب يروي العطش، بل إنها أصبحت رمزًا للتقاليد الحجازية الأصيلة. تتزين بها موائد الإفطار، وتعرض في الأسواق الشعبية، ويتسابق الأهالي على شرائها من الباعة المتخصصين. ومع مرور الزمن، وتغير العادات، تظل السوبيا محافظة على مكانتها كأحد أبرز المشروبات التي تزين موائد الإفطار في جدة خلال الشهر الفضيل.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 7
المصدر الرئيسي : حذيفة القرشي – جدة
post-id: c68e5b09-73bb-4941-9aa0-9fc57b5f427b