كشف مدير إدارة الأدلة الجنائية التخصصية في الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة في شرطة دبي، العميد خالد السميطي، عن وجود قاعدة بيانات للقضايا المجهولة، يتم من خلالها إيداع الأدلة التي لم يتم التعرف على هوية أصحابها بطريقة فنية، وتحديثها بشكل مستمر، مما ساهم في حل غموض جرائم بعد سنوات طويلة من ارتكابها.
وقال إن من بين هذه القضايا جريمة قتل وقعت في الثمانينات، حيث تم العثور على عقب سيجارة لم يُعرف صاحبها. وبعد أكثر من عقدين، تم اكتشاف فحص البصمة الوراثية (دي إن إيه)، فسجلت بصمة المتهم، وعندما تورط في جريمة جديدة في إمارة أخرى، قُبض عليه واعترف بالجريمة.
وأكد السميطي أن عمل خبير الأدلة الجنائية بالغ التعقيد والحساسية، حيث يسهم بشكل كبير في إرساء العدالة، موضحًا تطور أقسام المختبر الجنائي واستحداث علوم جديدة مثل بصمة المخ، وبصمة الصوت التي تُستخدم في كشف قضايا التهديد وجرائم التزييف العميق، بالإضافة إلى علم النفس الجنائي.
وفي لقاء مع منصة «عرب كاست»، ذكر العميد خبير أول خالد السميطي أن عمل الخبير الجنائي تغير كليًا في الوقت الحالي نتيجة للاستحداثات العلمية والتقنيات الجديدة مثل بصمة العين والبصمة الوراثية وبصمة المخ، التي يتم فحصها من قبل خبير علم نفس إكلينيكي، ويتم رصدها بطريقة دقيقة باستخدام أجهزة متطورة تتابع الموجات العصبية لدى المتهم عند مواجهته بأدلة أو صور أو فيديوهات من مسرح الجريمة.
وأضاف أن بصمة المخ تُعتبر قرينة وليست دليل إدانة، لأنها تثبت أن المتهم كان موجوداً في المكان أو لديه دور ما في الجريمة، مثل قضايا المستندات ومدى احتمال أن يكون هو صاحب التوقيع، وتصل نسبة الترجيح إلى 70%.
وأشار إلى أن قضايا التزييف تعتبر من أصعب التقارير الفنية، ولكن هناك معايير دقيقة يتبعها خبراء الأدلة الجنائية، حيث يتم استخدام تقنيات وأجهزة متطورة. كما أن الفحص لا يتم في المختبر فقط، بل قد يحتاج الخبير إلى الانتقال إلى مواقع مختلفة لفحص الدفاتر والأوراق والأقلام، لأن لكل قلم آثاراً مختلفة حسب نوع الحبر.
وأوضح أن هذه الإجراءات تشمل قضايا الشيكات التي يتم فيها التوقيع بسوء نية، حيث قد يتعمد المتهم التوقيع بقلم شخص آخر. وصرّح بأنه يُؤخذ مستند مرجعي بتوقيع صحيح للمتهم من مكان رسمي مثل عقد إيجار، مع الأخذ في الاعتبار أن التوقيع قد يتغير قليلاً مع مرور الوقت.
وبخصوص التوقيع الإلكتروني، أكد السميطي أنه لا توجد جهة تستطيع تطبيق الطريقة التقليدية في مضاهاة التوقيع الإلكتروني، حيث يقتصر الأمر على فحص الجهاز المستخدم في التوقيع، بينما التأكد من وقوع تزوير من عدمه يُعتبر أمرًا بالغ الصعوبة.
وأشار إلى التحديات المرتبطة بأنماط جديدة من الجرائم، مثل التزييف العميق، حيث تمتلك الإدارة العامة للأدلة الجنائية في شرطة دبي خبراء بمستويات رفيعة ويُستخدمون إجراءات فنية موثقة للوصول إلى مصدر الصوت في قضايا التهديد الصوتي.
ولفت إلى أن الإدارة تتلقى قضايا حيث يتعمد المتهم تغيير صوته، ولكن خبير الأصوات في الإدارة يمكنه تفكيك الصوت وتحويله إلى موجات كهرومغناطيسية لتحديد أصله، كما أن هناك إجراء يُسمى “استصوات”، حيث يُطلب من الشخص المتهم ذكر الكلمات ذاتها داخل مختبر معزول ثم تتم مضاهاة صوته بالنسخة الموجودة في القضية.
وأشار السميطي إلى وجود منظومة متطورة لإعداد الخبير في الإدارة، موضحًا أن الخبرة تعزز كفاءة الخبير من خلال المهارات التي يكتسبها أثناء فحص العديد من القضايا. وكشف عن قضية كانت فيها الخبرة حاسمة، وهي جريمة قتل تم فحص مسرحها بدقة، حيث اكتشف الخبير بصمة ملتصقة بالسقف، والتي كان من غير المتوقع العثور عليها، وتبين أنها تدل على مكان سلاح مخفي.
وتابع بحادثة تتعلق بمروج للمخدرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تم تتبعه ورصد صورة له، لكن الخبير فطن لانتقاله إلى العمود الذي كان يستند عليه وتم الحصول على دليل من هناك، مما ساعد في التعرف على المتهم من خلال بصمته.
وأوضح السميطي أن هناك إدارة متخصصة في الشؤون الفنية بالإدارة العامة للأدلة الجنائية، بالإضافة إلى إدارة الحوكمة في الإدارة العامة للتحريات التي تتابع مسار الدعوى في المحكمة. وإذا انتهت بالإدانة، فإن ذلك يُعتبر تكليلاً لجهود الجميع، وفي حال كانت النتيجة مغايرة، يتم تحديد الخلل وتحليله لمعرفة الأسباب.
وكشف عن نظام تقني يستخدم في شرطة دبي للقضايا المجهولة، عبارة عن قاعدة بيانات تُدرج فيها كافة تفاصيل الجرائم وتخزن الأدلة بطريقة فنية، سواء كان التخزين على المدى الطويل أو القصير.
واستعرض إحدى القضايا البارزة، والتي تتعلق بجريمة قتل حدثت في ثمانينات القرن الماضي، حيث عُثر على عقب سيجارة لم يُعرف صاحبها، وتم تخزينه بطريقة فنية. وبعد مرور سنوات، تم تطبيق تحليل البصمة الوراثية، وتم ضبط شخص مرتبط بجريمة مختلفة، وعند إدراج بصمته في قاعدة البيانات الاتحادية، تم تسجيل تنبيه لدى شرطة دبي، مما أدى إلى مواجهته بالجريمة التي ارتكبها.
وحول أعقد القضايا التي مرت على الإدارة العامة للأدلة الجنائية، ختم السميطي بالحديث عن جريمة قتل لم يُعرف فيها هوية الضحية بسبب صعوبة الحصول على بصمات. وقد استخدم الفريق تقنيات جديدة لفحص الأعراق، ورجحوا أن تكون الضحية امرأة آسيوية، وبعد الأشهر الثلاثة من التحقيق، تم التعرف عليها كعمة القاتل الذي ارتكب الجريمة بسبب مطالبتها له بسداد دين.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 2
المصدر الرئيسي : محمد فودة – دبي
post-id: 923973b8-b0b6-4b59-8fb2-6cdd2cc6968a