ينافس الفيلم الفرنسي “موجة جديدة” على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، من إخراج ريتشارد لينكلايتر، ويضم في بطولته غيوم ماربيك الذي يؤدي دور المخرج الشهير جان لوك غودار، والممثلة زوي دوتش في دور النجمة جان سيبرغ.
يتناول الفيلم بأسلوب ساخر وكوميدي مرحلة مهمة من تاريخ السينما الفرنسية وعلاقتها بجيل “الموجة الجديدة”. اهتم المخرج الأميركي المستقل، وهو راوي قصص بارع، برسم الأجواء الثورية لشباب سينمائي أراد التغيير ليقدم سينما يسارية مستقلة، مما أسفر عن أفلام ما زالت حاضرة من خلال عروض “السينماتيك” الفرنسية. يأتي الفيلم باللونين الأبيض والأسود، ويعتبر درسًا في السينما وتقنياتها، مع تسليط الضوء على حقبتهم التي أحدثت ثورة في السينما من خلال أفلام “الموجة الجديدة”.
اعتمد المخرج لينكلايتر على ممثلين مغمورين لأداء شخصيات مثل “غودار”، الذي قام بدوره غيوم ماربيك، وكذلك شخصية “بلموندو” التي تم تجسيدها بشكل جيد. يتميز الفيلم بأبعاد جمالية عالية وبمحتوى راقٍ، حيث يأخذنا إلى تلك الأيام بالأبيض والأسود، محققًا سينما حوارية غنية تنسجم مع الكوميديا وسعي الشخصيات لإنتاج سينما مختلفة حولها غودار وأبناء جيله.
يستوحي لينكلايتر من تجربة تصوير فيلم “على آخر نفس” (1959)، ليقدم لنا أسماء أصبحت نجوماً في تاريخ الفن السابع، لكنه يعتمد بدلًا من التوثيق الكلاسيكي على أسلوب تفاعلي يمزج بين السخرية والحنين، حيث تتحول السينما في كل لحظة إلى أرض للحلم والتجريب.
“موجة جديدة” هو فيلم عن السينما، حيث يتميز بأن بطله الحقيقي ليس غودار ولا تروفو، بل السينما ذاتها. تتحرك الكاميرا بحرية داخل المشهد، وتتوقف عند التفاصيل الصغيرة، مما يساهم في إعادة بناء المزاج العام لتلك المرحلة الثورية. يعطي لينكلايتر أهمية كبيرة للتقنيين والمصورين والمنتجين، فتكون السينما بمثابة نتاج جماعي لصدامات ومصالح تؤدي أحيانًا إلى معجزات تخلد في التاريخ.
في هذا السياق، كانت فكرة تخصيص حيز مهم للمصور راوول كوتار، الذي التقط مشاهد “على آخر نفس”، فكرة بارعة.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 1
المصدر الرئيسي : كان (جنوب فرنسا) – سعد المسعودي
post-id: 33287cc5-89dc-43e5-b16f-5364a4508025