“اليوم” في مركز أبحاث ماء زمزم.. رقابة على مدار الساعة تضمن النقاء لملايين المستفيدين

من عمق الصخور المكية، ومن تحت أقدام أطهر بقاع الأرض، ينبثق ماء زمزم المبارك كما انبثق لأول مرة تحت أقدام إسماعيل (ع)، حين تفجرت الرحمة الإلهية استجابةً لسعي أمّه هاجر بين الصفا والمروة. اليوم، وبعد قرون من السقيا، تقف المملكة العربية السعودية أمام مسؤولية عظيمة: كيف نحمي هذا الماء المبارك من الزمن، ومن التوسع العمراني، ومن الحاجة المتزايدة لحجاج بالملايين؟

خاضت “اليوم” جولة خاصة خلف الكواليس، حيث لا تصل أنظار العامة، واستمعت من المدير الأعلى لمركز دراسات وأبحاث زمزم في هيئة المساحة الجيولوجية، عبدالرحمن الزهراني، الذي كشف عن أسرار حماية ماء زمزم، وأحدث ما توصّلت إليه التقنيات في مراقبته، وتحليل خصائصه، وضمان نقائه من المنبع إلى إرتواء ضيوف الرحمن.

في هذا الحوار الخاص، نكشف عن حجم العمل الذي يجري ليل نهار في المختبرات، وعن التنسيق الدقيق مع الجهات الرسمية خلال مواسم الذروة، وعن رسائل الأمان والثقة التي تُبعث للحجاج من قلب المختبرات السعودية، حيث “كل قطرة من ماء زمزم.. مرصودة”، إلى نص الحوار:

تأسس مركز دراسات وأبحاث زمزم في ديسمبر من العام 2003 ويرتبط إدارياً بالرئيس التنفيذي لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، وهدفه تحقيق الاستدامة لماء زمزم المبارك وموارده المغذية. وهناك عدة مجالات عمل تتمثل في “مراقبة ماء زمزم في البئر والمياه الجوفية المتدفقة إليه، ودراسة المشاريع السطحية، وإعداد قاعدة معلومات متطورة، ومراقبة المخاطر الجيولوجية”.

يوجد العديد من الدراسات الجيولوجية التي يجريها المركز باستمرار للتعرف على طبيعة الخزان الجوفي الحامل للمياه المغذية لبئر زمزم، والتعرف على الرواسب الفتاتية وتصنيفها. يعد ماء زمزم مميزاً لاحتوائه على نسب متوازنة من الكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم، مما يمنحه مواصفات خاصة مفيدة لجسم الإنسان.

تسعى الهيئة لضمان المحافظة على نوعية وجودة ماء زمزم وخلوها من المواد الضارة. وقد سخرّت الحكومة كل الإمكانيات لتحقيق أمنه وسلامته من خلال هيئة المساحة الجيولوجية السعودية.

تملك الهيئة مختبرات مزودة بأحدث التقنيات العالمية، حيث تجري التحاليل اليومية لماء زمزم من البئر ومن مخرجات محطات الفلترة والتعقيم، وتشمل التحاليل جميع العناصر الكيميائية الرئيسية والشحيحة، بالإضافة إلى التحليل الدقيق للبكتيريا.

تقوم الهيئة بتحديث الضوابط والاشتراطات الخاصة بالمباني في المناطق المحيطة بماء زمزم، وتحديد كميات مياه زمزم التي يمكن استخراجها بناءً على دراسات هيدروجيولوجية مستمرة.

تعمل الحكومة على المحافظة على نقاء ماء زمزم وسلامة وصوله من خلال إنشاء محطات للفلترة والتعقيم، حيث يتم متابعة مخرجات تلك المحطات بشكل يومي.

يمتلك المركز قاعدة بيانات تاريخية تتجاوز السبعين عاماً عن ماء زمزم، ويجري التنسيق مع الجهات الأخرى خلال مواسم الحج والعمرة لضمان استدامة هذا الماء المبارك ومواجهة التحديات.

تسعى الهيئة لتحقيق توازن بين العرض والطلب، مع وجود خطط مستقبلية لتطوير المركز وتوسيع البنية التحتية. الرسالة الموجهة لزوار بيت الله الحرام هي أن ماء زمزم آمن ونقي، وينبغي عدم الإسراف في استخدامه.