طرحت الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية الإطار التنظيمي العام للتصوير البانورامي والخرائط عالية الدقة والتطبيقات الملاحية عبر منصة “استطلاع”، في خطوة تهدف إلى تعزيز الحوكمة وتوحيد الممارسات التنظيمية في مجال التقنيات الجيومكانية الحديثة.
وحددت الهيئة معايير دقيقة لاستخدام تكنولوجيا المركبات البرية ذاتية القيادة، بما يضمن سلامة البيانات الجيومكانية، وتحقيق التنقل الآمن، وتعزيز التكامل مع البنية التحتية الذكية في المملكة.
وفي ظل التطور المتسارع لتقنيات القيادة الذاتية، أصبح الاعتماد على البيانات الجيومكانية شرطًا أساسيًا لضمان سلامة الملاحة، والوعي بالمواقف، واتخاذ القرارات في الوقت الحقيقي. وقد أدرجت الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية سياسات تحكم كيفية جمع ومعالجة واستخدام هذه البيانات في أنظمة القيادة الذاتية، مستهدفة بذلك مواءمة مخرجات هذه الأنظمة مع التوجهات الوطنية والتطورات التكنولوجية.
تبدأ منظومة التنظيم باشتراط التزام الجهات المطورة والمشغلة للمركبات ذاتية القيادة بالمعايير التي تضمن دقة تحديد المواقع وسلامة التنقل والامتثال التنظيمي، حيث تركز اللوائح على ضرورة استخدام خرائط عالية الدقة تتماشى مع المعايير الوطنية المعتمدة من الهيئة. ويشترط أن يتم تدريب أنظمة الإدراك المعتمدة على الذكاء الاصطناعي باستخدام مجموعات بيانات موثقة لتفادي الأخطاء أو الانحرافات في المسارات.
ولضمان موثوقية البيانات الملاحية في المركبات، يجب أن تُخزّن وتُعالج البيانات الجيومكانية فقط على بنى تحتية سحابية وطنية معتمدة أو أنظمة محلية تتوافق مع لوائح حماية البيانات في المملكة. كما شددت الهيئة على أهمية دمج قيود السياج الجغرافي داخل الخرائط المستخدمة، منعًا لدخول المركبات مناطق محظورة أو غير مصرح بها.
في جانب السلامة، أكدت الهيئة أن البيانات الجيومكانية المستخدمة يجب أن تكون معتمدة للاستخدام في تطبيقات حرجة للسلامة، وأن يتم إخضاعها للتحقق المستمر من الدقة. وحرصًا على تعزيز مرونة أنظمة الملاحة ضد التهديدات أو التلف، يُشترط وجود طبقات تكرارية متعددة مثل نظم GNSS، وتقنيات التموضع بالليدار.
وأشارت الهيئة إلى ضرورة التوافق مع لوائح الهيئة الوطنية للأمن السيبراني لتأمين الأنظمة ضد الهجمات المعادية أو التلاعب غير المصرح به بالبيانات الجيومكانية، مع وجود آليات فعالة للتدخل الطارئ تمكن المشغلين أو الجهات التنظيمية من تعطيل الأنظمة عند ظهور مخاطر ملاحية أو بيانات متضاربة.
وانتقالاً إلى تفاصيل المركبات البرية ذاتية القيادة، فقد أوضحت الهيئة أنه يجب استخدام خرائط عالية الدقة بمستوى تفصيل يصل إلى الحارات المرورية. وتُعد هذه الخرائط أساسية لتحديد الأرصفة ومعابر المشاة والإشارات المرورية، ما يسهم في تحسين وعي المركبة بالبيئة المحيطة.
كما يُشترط أن تكون البيانات الجيومكانية متزامنة مع أنظمة إدارة المرور الذكية، بما فيها إشارات المرور الآلية وأنظمة التواصل بين المركبة والبنية التحتية. ويجب أن تتمكن المركبات من استقبال تحديثات فورية حول العوائق ومناطق الإنشاءات.
أما فيما يتعلق بسيارات الأجرة والحافلات ذاتية القيادة، فقد أوضحت الهيئة أن البيانات الجيومكانية المستخدمة يجب أن تتماشى مع اللوائح التنظيمية المعتمدة من الهيئة العامة للنقل، وذلك لتعزيز كفاءة المسارات وضمان سلامة الركاب.
في سياق موازٍ، أدرج الإطار التنظيمي آليات لاستخدام البيانات الجيومكانية في المدن الذكية والتوائم الرقمية، حيث تم التأكيد على ضرورة وجود بيانات فورية ودقيقة تدعم تحسين تدفق المرور، والاستجابة الفعالة للكوارث، والإدارة الذكية للبنية التحتية. ويشترط التكامل الكامل بين البيانات الجيومكانية وشبكات إنترنت الأشياء.
ودعت الهيئة إلى تبني سياسات الذكاء الاصطناعي الأخلاقية في تحليل البيانات المكانية داخل المدن الذكية، لتفادي التحيز في النماذج التنبؤية الخاصة بإنفاذ القانون أو قرارات التخطيط. كما أكدت أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص لتعزيز مبادرات التخطيط الحضري.
ومن بين أبرز أنواع البيانات الجيومكانية التي يجب أن تمتثل للمعايير الوطنية: بيانات حركة المرور في الوقت الفعلي، شبكات الاستشعار البيئي، النماذج الحضرية ثلاثية الأبعاد، وخرائط الطوارئ. وتُعد هذه البيانات محورية لتخطيط المدن، وتحسين جودة الحياة.
وألزمت الهيئة الجهات المعنية بإتاحة هذه البيانات للجهات الحكومية والبحثية ضمن نماذج وصول محكومة، مع إمكانية توفير بيانات مفتوحة لدعم الابتكار والشفافية. كما نصّت على وجوب توفير واجهات برمجية آمنة للبلديات لتحديث واسترجاع البيانات.
وفيما يخص التوائم الرقمية، أشارت الهيئة إلى ضرورة الالتزام بإرشادات دقيقة تشمل دقة البيانات، تقنيات النمذجة، وآليات التحديث. ويجب أن تتكامل هذه التوائم مع منصات التخطيط الحضري.
وتُعد التوائم الرقمية أداة محورية لتخطيط شبكات الطرق، وتحديد أولويات البنية التحتية، وتحليل النمو السكاني.
أخيرًا، ركز الإطار التنظيمي على جانب التعليم وبناء المهارات الوطنية، حيث تستهدف الهيئة تعزيز رأس المال البشري في مجال الخرائط عالية الدقة. وتسعى لأن تكون المملكة مركزًا عالميًا في هذا المجال من خلال برامج تدريب فني ومهني.
وأوضحت الهيئة أن هذه الجهود تشمل التعاون مع الكليات التقنية، تقديم ورش عمل للممارسين، وتوفير منصات تعليم إلكتروني بشهادات معتمدة، كما تشمل خطط بناء القدرات تدريب موظفي الجهات الحكومية ورفع كفاءة القطاع الخاص.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 4
المصدر الرئيسي : جعفر الصفار – الدمام
post-id: f3fcacb8-3e87-4ab2-ae97-37035c998e8f