المصانع الأمريكية تتلقى دفعة ضريبية من ترمب لكن رسومه قد تعرقلها
نجح المصنعون الأمريكيون في الحصول على الامتيازات الضريبية التجارية التي كانوا يأملون فيها ضمن مشروع قانون الميزانية الضخم لدونالد ترمب، لكن سياسة الرئيس التجارية المتقلبة تُهدد بإعاقة أي انتعاش ملحوظ في الاستثمار الرأسمالي.
علّق العديد من المنتجين هذا العام خطط الإنفاق بسبب حالة عدم اليقين المحيطة بتشريعات الضرائب والإنفاق، بالإضافة إلى إعلانات ترمب المتذبذبة بشأن الرسوم الجمركية.
يمكن للمصنعين الآن أن يتنفسوا الصعداء بعد أن أعادت حزمة الميزانية التي وقعها ترمب البالغة 3.4 تريليون دولار العمل بميزة الاستهلاك المعجل بنسبة 100% في السنة الأولى للاستثمار في المعدات والمصانع. كما يسمح التشريع بخصم فوري لتكاليف البحث والتطوير وإمكانية خصم أكبر للفوائد.
من شأن جعل الامتيازات الضريبية دائمة أن يدفع بعض الشركات إلى القيام باستثمارات رأسمالية، حتى لو كان من الصعب التنبؤ بحجمها، بحسب تشارلز كرين، نائب الرئيس التنفيذي للسياسات في الرابطة الوطنية للمصنعين، التي جعلت تمديد تلك الامتيازات أولوية.
وأضاف كرين: “لا تزال هناك بالتأكيد عوائق أمام الإنفاق الرأسمالي، لكن الضرائب كانت عائقاً كبيراً، وقد تم إزالتها”.
ومع ذلك، يتوقع البعض أن يستغرق أي ارتفاع ملحوظ في النفقات الرأسمالية وقتاً أطول ليظهر، وذلك بسبب إعلانات الإدارة المحمومة عن التعريفات الجمركية، بالإضافة إلى الرسوم نفسها. وتُنذر الرسوم الجمركية المرتفعة على قطاعات، مثل المعادن، بزيادة تكاليف الإنتاج.
وقالت سوزان سبنس، رئيسة لجنة مسح أعمال التصنيع في معهد إدارة التوريد: “إذا لم تتمكن الشركات من تسعير منتجاتها بدقة، نظراً لتغير تكاليف المدخلات باستمرار نتيجةً لبيئة التعريفات الجمركية المتغيرة باستمرار، فأعتقد أن قراراتها ستبقى مجمدة إلى حد كبير”.
أرسل ترمب هذا الأسبوع رسائل إلى شركاء الولايات المتحدة التجاريين يهدد فيها بفرض رسوم جمركية مرتفعة، مع أنه ترك الباب مفتوحاً للتفاوض على اتفاقيات تجارية. كما مدد الموعد النهائي المحدد يوم الأربعاء لفرض تدابير عقابية أشد حتى الأول من أغسطس.
أعلن الرئيس أن إدارته ستفرض رسوماً جمركية بنسبة 50% على النحاس المستورد. وبعد فرض رسوم جمركية على الصلب والألمنيوم، يسود قلق ملحوظ لدى المشترين الأميركيين من أن رسوم المعادن قد تُقوّض هدف ترامب في إنعاش قطاع التصنيع.
أظهرت استطلاعات لرأي الشركات باستمرار تراجعاً في نوايا الإنفاق الرأسمالي عقب انتخابات نوفمبر. لكن رابطة مصنعي المعدات متفائلة بأن التشريع الجديد سيوفر اليقين اللازم لتعزيز الاستثمار في التصنيع المحلي، وخاصةً للشركات الصغيرة والمتوسطة، وفقًا لكيب إيدبيرج، النائب الأول للرئيس المعني بالعلاقات الحكومية والصناعية.
ساهم التفاؤل بإقرار “القانون الكبير والجميل” الذي أصدره الرئيس في رفع أسعار الأسهم.
قال وزير الخزانة سكوت بيسنت على تلفزيون “سي إن بي سي” (CNBC) الأسبوع الماضي: “عندما أتجول في البلاد أو يأتي الرؤساء التنفيذيون إلى وزارة الخزانة لرؤيتي، أجد أنهم جميعاً كانوا أسرى لغياب اليقين بشأن مشروع قانون الضرائب هذا”. وأضاف: “والآن وقد أدركوا أنه يمكنهم الحصول على خصم كامل بنسبة 100 بالمئة على نفقات المعدات والمصانع، أعتقد أننا سنشهد انتعاشاً ملحوظًا بين الآن وعيد العمال”.
وقالت لي ليتل، الرئيسة التنفيذية لرابطة تأجير وتمويل المعدات، إنها تتوقع أيضاً أن تشجع الامتيازات الضريبية الشركات على الشراء عاجلًا وليس آجلًا، وأن تعزز التوظيف. وفي حين أن الرسوم الجمركية كانت مصدر قلق، فإن الامتيازات الضريبية “توفر يقيناً طويل الأجل تحتاجه هذه الشركات”.
في الواقع، تتخذ بعض شركات التصنيع الصغيرة هذه الخطوة الجريئة. إذ عُلقت خطط “كورتني سيلفر” لإنفاق أكثر من مليون دولار على معدات متجر الآلات الخاص بها في كونكورد، بولاية كارولاينا الشمالية، إلى حين اتضاح ما إذا كان الكونغرس سيسمح للشركات بخصم معظم مشتريات المعدات بالكامل. وهي الآن مستعدة للمضي قدماً.
قالت سيلفر، رئيسة شركة “كيتشي” (Ketchie): “هذا يمنحنا الثقة لاتخاذ هذه الخطوة. إنها الخطوة الصحيحة لدعم فريقنا، والنمو بذكاء، والحفاظ على القدرة التنافسية”.
في شمال ماريلاند، يتوقع جوزيبي ريفا بيع المزيد من آلات تصنيع الصلب مع تطبيق القواعد الجديدة للإهلاك المعجل، على الأقل بناءً على ما شهده في ولاية ترمب الأولى.
في ذلك الوقت، كان ريفا يقود وحدة أميركا الشمالية لشركة “إس سي إم غروب” (SCM Group) الإيطالية لتصنيع آلات النجارة. وكان العديد من عملائه من صانعي الأثاث، الذين أنفقوا عشرات الآلاف من الدولارات على آلات قطع الخشب الموجهة حاسوبياً من إنتاج “إس سي إم”.
بعد أن أقر الكونغرس مشروع قانون خفض الضرائب لعام 2017، والذي سنً جولة سابقة من ميزة الاستهلاك المعجل، قال ريفا إن عملاءه انتهزوا الفرصة وطلبوا آلات نجارة جديدة بقيمة تعادل تقريباً ما ادخروه من الضرائب.
قال ريفا: “بدلاً من دفع الضرائب، كانت الفكرة هي: ‘أرسلوا لي آلة جديدة’”.
انتقل ريفا منذ ذلك الحين إلى منصب جديد ليقود وحدة أميركا الشمالية لشركة “فيسب” (Ficep S.p.A) الإيطالية، التي تُصنّع آلات قطع وحفر الفولاذ. وأوضح ريفا أن أسعار منتجاته الآن أعلى، حيث يتجاوز متوسطها مليون دولار. ويتوقع أن يكون العملاء أكثر تحفظاً في مشترياتهم.
ومع ذلك، يتنبأ ريفا بانتعاش في المبيعات لأن القواعد الضريبية الجديدة تفتح الباب أمام مشتريات أكبر وأطول أجلاً، على حد قوله.
أفاد خبيرا الاقتصاد في شركة “بانثيون ماكرو إيكونوميكس” (Pantheon Macroeconomics)، صامويل تومبس وأوليفر ألين، في مذكرة، أن النفقات الرأسمالية الأمريكية ارتفعت بعد تطبيق ميزة الاستهلاك المعجل بنسبة 100% في قانون الضرائب لعام 2017، لكنها لم تكن المحرك الرئيسي، إذ شجعت عوامل أخرى الشركات على الاستثمار، بما في ذلك خفض معدل ضريبة الشركات.
في حين أن الامتيازات الضريبية من المرجح أن ترفع الاستثمار التجاري على المدى المتوسط، قال خبراء الاقتصاد في “بانثيون”: “نتوقع أن تحجم الشركات عن استثمار رؤوس أموالها حتى تتضح آفاق التعريفات الجمركية”.
قال مايكل هيكس، أستاذ الاقتصاد في جامعة “بول ستيت” بولاية إنديانا ومدير مركز أبحاث الأعمال والاقتصاد التابع لها، إنه لا يوجد ما يشير إلى أن الأحكام الضريبية وحدها ستحفز دفعة كبيرة من الاستثمار الرأسمالي.
وأضاف هيكس أن معظم الولايات كثيفة التصنيع تمنح الاستثمار الرأسمالي الجديد دعماً كبيراً، وقد شهدت بالفعل دفعة من الاستثمار الرأسمالي في الصناعة -بما في ذلك بناء قياسي للمصانع- مدفوعة جزئياً بالحوافز الفيدرالية في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
وأضاف أن رسوم ترمب الجمركية لا تزال تثقل كاهل الشركات المصنعة.
وقال هيكس: “في النهاية، فإن ‘أفضل سيناريو محتمل’ للتعريفات الجمركية يضيف تكاليف أكبر بكثير لمعظم استثمارات رأس المال مما يمكن أن يعوضه هذا التشريع”.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 8
المصدر الرئيسي : الاقتصادية
معرف النشر: ECON-130725-479