لم تعد الحروب الحديثة تدار فقط بالصواريخ والدبابات، بل أصبحت تقاد من داخل غرف الخوادم وبواسطة خوارزميات الذكاء الاصطناعي. ففي زمن أصبحت فيه الجيوش تعتمد على الأنظمة الذكية في اتخاذ القرارات، بات أمن هذه الأنظمة مسألة “حياة أو دمار”، مما يطرح سؤالًا هامًا: هل أصبح الهاكرز هم جنود المعارك؟
يقول الدكتور محمد محسن رمضان، خبير الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، إن الجيوش الكبرى اليوم تستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الاستخباراتية، وتوجيه الطائرات بدون طيار، وتشغيل أنظمة الدفاع الصاروخي، وإدارة الروبوتات القتالية، بل وحتى اتخاذ قرارات قتالية مستقلة دون تدخل بشري مباشر. هذا التحول الرقمي في الميدان العسكري منح الجيوش تفوقًا غير مسبوق في السرعة والدقة. ومع ذلك، خلق ذلك أيضًا ثغرة أمنية خطيرة: ماذا لو وقعت هذه الأنظمة في أيدي العدو؟
بالرغم من قدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم ميزات عسكرية كبيرة، إلا أنه ليس محصنًا بالكامل. تعتمد هذه الأنظمة على الخوارزميات والتقنيات الرقمية، مما يجعلها عرضة للاختراق السيبراني. يمكن لقراصنة محترفين استهداف شبكات الاتصال، ومراكز البيانات، والأقمار الصناعية، وحتى البرمجيات نفسها. في حال نجاح أي اختراق، قد تكون النتائج كارثية، مثل السيطرة على الطائرات المسيرة وتحويلها إلى أدوات قتل موجهة نحو أهداف مدنية أو صديقة.
وأشار الخبير المصري إلى أن ما كان يُعتقد أنه سيناريو خيالي أصبح واقعًا. في عام 2011، أعلنت إيران إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار من طراز RQ-170 باستخدام هجوم إلكتروني. وفي عام 2021، تم تسجيل هجمات سيبرانية استهدفت أنظمة عسكرية في الشرق الأوسط. هذه الحوادث تكشف بوضوح أن الذكاء الاصطناعي العسكري ليس محصنًا، بل قد يحمل نقاط ضعف أكثر مما هو ميزة في بعض الحالات.
وكشف خبير الأمن السيبراني أن الهجمات السيبرانية على الأنظمة العسكرية الذكية تعتمد على مجموعة من الأساليب، مثل الهجوم عبر الشبكات المفتوحة أو غير المؤمنة، وزرع برمجيات خبيثة داخل برمجيات أو معدات يتم توريدها للجيوش، واستغلال العناصر البشرية داخل المؤسسة العسكرية.
فيما يتعلق بالحلول لمواجهة نقاط الضعف، يقول اللواء أبوبكر عبدالكريم، الخبير الأمني المصري: يجب أن يتوافر أمن سيبراني يوازي الذكاء الاصطناعي لحماية هذه الأنظمة. من المهم دمج الأمن السيبراني في صميم التصميم العسكري، بالإضافة إلى الاعتماد على شبكات مغلقة غير متصلة بالإنترنت لتقليل خطر الاختراق الخارجي. ينبغي أيضًا تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي ذاتية الحماية قادرة على اكتشاف الهجمات والرد عليها لحظيًا، وتدريب الضباط والجنود على أساليب الأمن السيبراني.
في ختام حديثه، أكد الخبير الأمني أن أمن الذكاء الاصطناعي العسكري ليس ترفًا تقنيًا، بل ضرورة وطنية لحماية السيادة والدفاع عن الأرض والإنسان، وأنه في معركة أصبحت تُخاض بالخوارزميات، فإن درع الدولة الحقيقي هو أمنها السيبراني.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 1
المصدر الرئيسي : القاهرة – محمد مخلوف
معرف النشر: MISC-150725-433