الرئيس الصيني ينتقد فوضى الصناعات الناشئة وسط مخاوف انكماش الاقتصاد
انتقد الرئيس الصيني شي جين بينغ اندفاع الحكومات المحلية في مختلف أنحاء الصين نحو نفس الصناعات الناشئة، في انتقاد نادر يعكس القلق المتزايد من الانكماش الاقتصادي داخل البلاد والتوترات التجارية في الخارج.
وخلال اجتماع عُقد في بكين هذا الأسبوع بشأن التنمية الحضرية، قال شي، بحسب ما نشرته صحيفة “الشعب اليومية” في صفحتها الأولى يوم الخميس: “عندما نتحدث عن إطلاق مشاريع جديدة، نجدها دائماً تدور حول نفس الأشياء القليلة: الذكاء الاصطناعي، والقوة الحوسبية، والسيارات العاملة بالطاقة الجديدة”.
وتساءل شي، في تصريح نُقل عن لسانه عبر الصحيفة الرسمية الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم: “هل ينبغي لكل مقاطعة في البلاد تطوير صناعات في هذه المجالات؟”.
هذه الانتقادات الصريحة غير معتادة، إذ إن وسائل الإعلام الرسمية عادةً ما تنشر تصريحات شي بصيغة رسمية أو على شكل توجيهات سياسية. وتعكس تعليقاته قلقاً متزايداً لدى صُنّاع السياسات من اندفاع المسؤولين في مختلف أنحاء البلاد نحو الاستثمار في عدد محدود من القطاعات المفضلة لدى بكين، ما يُفاقم فائض الطاقة الإنتاجية ويُبطئ جهود إعادة الهيكلة.
شي يطالب بوقف فوضى المنافسة
تُضاف تصريحات شي إلى دعوات صدرت مؤخراً من كبار المسؤولين تطالب بوقف حروب الأسعار بين الصناعات، والتي تُفاقم من تدهور أرباح الشركات وأجورها. في هذا السياق، تعهد مجلس الدولة خلال اجتماع ترأسه رئيس الوزراء لي تشيانغ يوم الأربعاء، بكبح “المنافسة غير العقلانية” في قطاع السيارات الكهربائية، في خطوة تؤكد جدية السلطات في الحد من الفائض الإنتاجي. كما شهد اجتماع سابق هذا الشهر للهيئة العليا للحزب الشيوعي المعنية بالسياسات الاقتصادية، تعهداً بتنظيم كيفية سعي الحكومات المحلية لجذب الاستثمارات.
مع استمرار تباطؤ الطلب المحلي، يواصل تزايد الإمدادات عبر مختلف الصناعات تغذية اتجاه انكماشي مُقلق، رغم المرونة التي أظهرها الاقتصاد مؤخراً. فقد بلغ معدل النمو الاسمي، الذي يُراعي تغيرات الأسعار، 3.9% فقط خلال الربع الثاني، وهو الأدنى خارج فترات تفشي الجائحة منذ بدء تسجيل البيانات الفصلية في عام 1993.
كانت المنافسة بين الحكومات المحلية لتحقيق معدلات نمو أسرع، إلى جانب اعتماد نموذج اقتصادي قائم على الاستثمار، هو المحرك الأساسي لمعجزة النمو في الصين خلال العقود الأخيرة. إلا أن هذا النموذج أسفر عن تفاقم الدين العام وإهدار الاستثمارات، ما أدى إلى فائض إنتاجي مزمن أغرق الأسواق الخارجية وأثار توترات جيوسياسية.
انتقادات حادة للممارسات المحلية
في هذا الإطار، وجهت مجلة “كيوشي” الرسمية التابعة للحزب الشيوعي الصيني، في مقال نُشر هذا الشهر، انتقاداً شديد اللهجة للممارسات المحلية التي عززت “المنافسة غير المنضبطة”. وانتقدت المجلة ممارسات تشمل تقديم إعانات غير مشروعة وضخ استثمارات “عمياء” في صناعات رئيسية، إلى جانب فرض حواجز سوقية تضر الشركات القادمة من مناطق أخرى.
في سياق مماثل، دعا الرئيس الصيني في مارس 2024 الحكومات المحلية إلى تطوير “قوى إنتاجية جديدة”، في إشارة إلى الصناعات الناشئة الحديثة، وذلك استناداً إلى الظروف الفريدة لكل منطقة، مع تجنب خلق “فقاعات صناعية”.
فجوة واضحة بين العرض والطلب
تتجلى اختلالات العرض والطلب بشكل واضح في العديد من القطاعات، بدءاً من الصناعات الثقيلة التقليدية مثل الصلب، وصولاً إلى صناعات جديدة مثل السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية. ورغم أن عدد شركات تصنيع السيارات الكهربائية بدأ يتراجع لأول مرة في العام الماضي، إلا أن هذا القطاع لا يزال يستخدم أقل من نصف طاقته الإنتاجية.
ووفقاً لتقديرات مجموعة صناعية، فإن الأهداف الإجمالية التي وضعتها 26 من أصل 31 مقاطعة لتخزين الطاقة الجديدة بحلول عام 2025 تتجاوز أكثر من ضعف الهدف الوطني. وخلال اجتماع عُقد هذا الأسبوع، أوضح شي أن بعض السلطات المحلية قد تجاوزت الحد المطلوب، قائلاً إن “التوسع الحضري يجب أن يكون عملية تدريجية تتطور بشكل طبيعي”.
واختتم: “ينبغي أن يتماشى هذا التوسع مع قوانين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وألا يكون منفصلاً عن الواقع أو مدفوعاً برغبة في تحقيق مكاسب سريعة”.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 1
المصدر الرئيسي : الاقتصادية
معرف النشر: ECON-180725-579