تشكل الكتابات والنقوش اللاتينية التي تُكتشف بنحو 1500 حالة سنويًا في مختلف أنحاء العالم الروماني القديم، من جدران وفسيفساء وشظايا أوانٍ أثرية، “أحجية ضخمة” أتاح الذكاء الاصطناعي للمؤرخين إمكانية إعادة تشكيلها.
أكد يانيس أسيل، اختصاصي الذكاء الاصطناعي، أن هذه النقوش تحمل قيمة كبيرة للمؤرخين؛ لأنها تقدم شهادة مباشرة على الفكر واللغة والمجتمع في العصور القديمة. وقد كتبها أشخاص من جميع الطبقات الاجتماعية وتتناول مواضيع متنوعة، مما يجعلها ليست مجرد سرد للنخبة.
ومن جهة أخرى، أشار الباحث المشارك في تصميم نموذج “إينياس” إلى أن هذه النصوص غالباً ما تكون تالفة، مما يجعل معرفة مكان وتاريخ كتابتها أمرًا معقدًا. وقد عُرض هذا النموذج، الذي تم تطويره ليكون شبكة عصبية توليدية، والذي يمكنه تحديد العلاقات المعقدة بين أنواع مختلفة من البيانات، في إحدى المجلات العلمية.
يسمح النموذج بوضع النقوش اللاتينية في سياقها التاريخي والجغرافي، حيث يمتد العالم الروماني لأكثر من 2000 عام على مساحة خمسة ملايين كيلومتر مربع. وأوضحت ثيا سومرشيلد، خبيرة النقوش، أن دراسة التاريخ من خلال النقوش تماثل حل أحجية ضخمة، تتطلب إيجاد الروابط بين قطع النصوص المختلفة.
للبحث عن روابط تؤكد الدلالات المشتركة، نفذ المختصون في النقوش مقارنات بين نصوص مختلفة بحثًا عن أوجه تشابه بالاسم أو الصياغة. إلا أن هذه المهمة تمتاز بتعقيدها الكبير، حيث يتعين على المؤرخين فحص كل نقش مقابل مئات من الحالات المحتملة.
تم تدريب نموذج “إينياس” على ثلاث قواعد بيانات متوفرة حول النقوش، وتمكن من استخدام الصور وبعض العناصر المادية لتحديد مواقع النقوش بشكل أفضل. يتضمن النص النهائي 176 ألفًا و861 نقشًا يمثلون 16 مليون حرف، بما في ذلك نحو 5% مصحوبة بصور.
يمكن للنموذج أن يحدد أوجه التشابه التي تساعد في تقدير موقع نقش ما بين المقاطعات الرومانية وتأريخه، بالإضافة إلى اقتراح فرضيات لترميم الأجزاء المفقودة. لاختباره، تم تحليل نص “ريس جيستاي ديفي أوغوستي”، وهو سرد شخصي لحياة أغسطس، حيث توصل إلى تواريخ محتملة تتوافق مع ما تم مناقشته من قبل المؤرخين.
وقد وجد نحو عشرين مؤرخًا شاركوا في اختبار النموذج أن أوجه التشابه المحددة كانت مفيدة كنقطة انطلاق في 90% من الحالات. وأبدى نموذج “إينياس” أداءً أفضل في مهام الترميم والإسناد الجغرافي عند التعاون مع المؤرخين، متفوقاً على كل من البشر والذكاء الاصطناعي بمفرده.
وفي سياق تطوير هذا النوع من الأنظمة، أفاد أحد الخبراء أن هذه التقنيات يمكن أن تدعم العلوم الإنسانية بدلاً من إعاقة التفكير النقدي وتعزيز المعرفة.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 4
المصدر الرئيسي : العربية.نت ووكالات
معرف النشر: MISC-240725-42