تزايد المتاعب الاقتصادية في روسيا يمهد لخفض أعمق في الفائدة
يبدو أن بنك روسيا المركزي بات يمتلك مساحة أكبر لخفض أكثر جرأة في سعر الفائدة الأساسي، وسط تباطؤ التضخم وتزايد الضغوط من المسؤولين وقطاع الأعمال لإنقاذ الاقتصاد من الركود. ويتجه صانعو السياسات إلى تقليص سعر الفائدة للمرة الثانية على التوالي في اجتماع الجمعة، حيث توقّع ستة من المحللين خفضاً بـ200 نقطة أساس إلى 18%. بينما رجّح أحدهم خفضاً أكبر، وتوقّع ثلاثة خفضاً يتراوح بين 100 و150 نقطة أساس.
قرار البنك المركزي سيكون إشارة إلى مسار السياسات في النصف الثاني من العام، بينما تسعى السلطات لتحقيق توازن بين احتواء التضخم ومؤشرات التعب الاقتصادي المتزايدة وسط استمرار الحرب في أوكرانيا. كتبت أولغا بيلينكايا، كبيرة الاقتصاديين في “فينام إنفستمنت” في موسكو، في مذكرة: “يتعيّن على البنك المركزي الاستجابة للتباطؤ الملحوظ في التضخم”، محذّرة من أن ارتفاع معدلات الفائدة الحقيقية “قد يؤدي إلى فتور الاقتصاد، ويعرّض الشركات لضغوط مالية أشد”.
كان البنك قد خفض الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2022 في يونيو، حيث خفّض السعر القياسي من 21% إلى 20%. رغم ذلك، أبدى صانعو السياسة حينها حذراً، محذرين من هشاشة مسار التباطؤ في التضخم، ما قد يستدعي التوقف عن التيسير أو حتى التراجع عنه مؤقتاً.
غير أن البيانات الاقتصادية الأخيرة دعمت التوجه نحو سياسة نقدية أكثر مرونة، إذ ألمح كل من نائب محافظ البنك أليكسي زابوتكين، والمستشار كيريل تريماسوف، إلى إمكانية اتخاذ خطوة أكبر هذه المرة. أظهرت بيانات يونيو تباطؤ نمو أسعار المستهلكين إلى ما يقارب 4%، أي قرب هدف البنك السنوي، ما يعكس تقدماً مفاجئاً مقارنة بالتوقعات. فرغم توقع بلوغ ذروة التضخم في مايو، إلا أنها سُجلت فعلياً في مارس، ليهبط المعدل إلى 9.4% في يونيو.
أعلنت هيئة الإحصاء الفيدرالية الروسية، أول تراجع أسبوعي في أسعار المستهلكين منذ سبتمبر 2024، ما قد يفتح الباب أمام مزيد من التيسير بعد شهور من الضغط بفعل كلفة الاقتراض المرتفعة. وحذّر وزير الاقتصاد، مكسيم ريشيتنيكوف، الشهر الماضي، من أن الاقتصاد على شفا ركود. ومنذ ذلك الحين، استمر ضعف النشاط الاقتصادي وتراجع الاستهلاك.
النمو الاقتصادي يقتصر حالياً على قطاعات مرتبطة بالإنفاق الحكومي أو الإحلال محل الواردات، بينما تعاني بقية الأنشطة من “ديناميات هشة ومتفاوتة”. وذكر تقرير آخر أن ارتفاع أسعار القروض ترك تأثيرات متسلسلة على الأقاليم، حيث تراجعت مبيعات المنازل، ما قلّص الطلب على الأثاث، وانخفض الطلب على الخشب، ما دفع الشركات لتقليل استثماراتها.
امتدت الضغوط لتشمل صناعة السيارات، إذ تراجع الطلب على المركبات الجديدة، وتفكر “أفتوفاز” في تقليص أيام العمل وخفض الإنتاج. وتراجع مؤشر مناخ الأعمال في يوليو إلى المستويات التي سُجلت خلال اضطرابات 2022، مع بدء تطبيق العقوبات الغربية.
في ظل هذا التباطؤ، يبدو أن نقص اليد العاملة، الذي كان أحد المحرّكات الرئيسية للتضخم في السنوات الأخيرة، بدأ في التراجع، رغم استمرار البطالة عند أدنى مستوى تاريخي. إذ تقلّص الطلب على العمالة وتباطأ نمو الأجور. وذكر البنك في تقريره أن “المزيد من الشركات باتت تنسحب من سباق رفع الأجور”.
في وقت سابق من الشهر، قالت نابيولينا إن البنك سيكون لديه مجال للتيسير إذا أظهرت البيانات تراجعاً أسرع من المتوقع في النمو والتضخم. وذكر المحلل في “رينيسانس كابيتال” أن جميع البيانات تؤكد أن هذا هو بالفعل ما يحدث.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 10
المصدر الرئيسي : الاقتصادية
معرف النشر: ECON-250725-478