منعت النساء على مر القرون الماضية من الانضمام إلى الجيش والمشاركة في الحروب، حيث كانت خدمة العسكرية مقصورة على الرجال. إلا أنه في القرن الثامن والتاسع عشر، حدث تخفيف للقيود المفروضة على الخدمة العسكرية، مما سمح للنساء بالعمل كممرضات لصالح الجيش.
وفي ظل هذه الظروف، تمكنت بعض النساء من حمل السلاح والتواجد على جبهات القتال في جيوش نظامية، حيث لجأت هؤلاء النساء عادة إلى التنكر بزي الرجال. تاريخياً، تبرز أسماء عدة شخصيات استخدمت هذه الحيلة، ومن أبرزها ميلونكا سافيتش، التي تعتبر أكثر امرأة حصلت على أوسمة في التاريخ أثناء خدمتها العسكرية، وقد لقبت بـ “جان دارك صربيا”.
ولدت ميلونكا سافيتش عام 1889 في قرية كوبريفنيكا. في عام 1912، تلقى شقيقها وثائق تجنيده في الجيش للاستعداد لحرب البلقان الأولى. قررت ميلونكا الالتحاق بدلاً منه، فتنكرت في هيئة رجل وارتدت ملابس الذكور بعد أن قصت شعرها. سرعان ما وجدت نفسها على الجبهة مشاركة في المعارك، وبفضل شجاعتها، تمت ترقيتها لرتبة عريف بعد معركة بريغالنيكا وحصلت على ميدالية الشجاعة.
تعرضت ميلونكا لإصابات خلال الحرب وتم نقلها إلى المستشفى، حيث اكتشف الجميع هويتها الحقيقية. أصابت هذه الحادثة الدهشة بين المسؤولين العسكريين بسبب إنجازاتها وإخفائها هويتها لمدة طويلة.
مع اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914، أُتيحت لميلونكا الفرصة للقتال لصالح الجيش الصربي، وقد أظهرت شجاعة كبيرة في معركة كولوبارا، حيث حصلت على وسام نجمة كارادوردي. واستمرت في تحقيق إنجازات مذهلة، إذ تمكنت من أسر 23 جنديًا بلغاريا بمفردها خلال معركة سيرنا بيند.
بعد انتهاء الحرب، تم التخلي عن ميلونكا من الجيش عام 1919، وعلى الرغم من عرض للعيش في فرنسا والاستفادة من جراية تقاعدية، اختارت البقاء في صربيا. عملت في مجالات مختلفة وتزوجت لفترة قصيرة وأنجبت طفلة وتبنت ثلاث أخريات.
على الرغم من حصولها على جراية تقاعدية بسيطة عام 1945، واجهت ميلونكا صعوبات مالية. خلال أحد الاحتفالات العسكرية، ظهرت مع ميدالياتها، وبعد معرفة قصتها، تعاطف معها العديد من المسؤولين. بفضل جهود الصحف المحلية والضغط الشعبي، حصلت على مسكن متواضع في بلغراد عام 1972. توفيت ميلونكا في ظروف صعبة بعد أقل من عام عن عمر يناهز 81 سنة.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 1
المصدر الرئيسي : العربية.نت – طه عبد الناصر رمضان
معرف النشر: MISC-290725-896