إقتصاد

من ضواحي الشرقية إلى ميلانو .. سعوديات يقلبن المشهد الثقافي

25ea854c 0449 4edc 999c 12bcd9cce952 file.jpg

من ضواحي الشرقية إلى ميلانو .. سعوديات يقلبن المشهد الثقافي

في فترة زمنية قصيرة جدا، تحولت السعودية – التي لطالما صورها الخيال الغربي كأرض مليئة بالواحات وأبراج النفط – إلى دولة حيوية في سباق سريع مع الوقت نحو الحداثة. من مدينة نيوم العملاقة على البحر الأحمر وبرج جدة الذي يبلغ ارتفاعه كيلومترا، إلى استثمارات في تكنولوجيات مثل الذكاء الاصطناعي. وفي ظل رؤية 2030، تعمل السعودية على تنويع اقتصادها المحلي بسرعة، وتهدف في الوقت نفسه إلى إعادة تشكيل صورتها في الخارج كقوة عملاقة مبتكرة، مع التركيز على التنمية التكنولوجية والحضرية، بحسب مجلة Wallpaper البريطانية.

لكن هذا ليس كل ما في السعودية. تقول سارة العمران، قيّمة فنية ومستشارة منذ فترة طويلة لمؤسسات إقليمية ودولية: “هناك تركيز كبير على التنمية. لكن لدينا أيضا تاريخ عريق”. ولدت العمران ونشأت في المنطقة الشرقية الريفية في المملكة، وتعرف المناطق الأكثر هدوءا والأقل تحضرا في البلاد. إلى جانب مجموعة كبيرة من الفنانين والمصممين الحرفيين، أسهمت العمران في قلب المشهد الثقافي السعودي، بالتركيز هذه المرة على المجتمع والبيئة والتراث.

بالتعاون مع مهندسة المناظر الطبيعية لولو المانع، التي تلقت تدريبها في أمريكا والمقيمة في لندن، شاركت العمران أخيرا في تنظيم أول جناح سعودي في معرض ترينالي ميلانو 2025. يحمل الجناح عنوان “مغرس: مزرعة تجريبية”، ويستمر عرضه حتى 9 نوفمبر. يمثل هذا العمل نظرة متعمقة على المجتمع الزراعي، حيث نشأت العمران، ودعوة مؤثرة للحفاظ على تقاليده – الموسيقى والحرف اليدوية وثقافة الأطعمة – في مواجهة الظروف الاقتصادية والمناخية المتغيرة. تقول المانع: “يبدو الجناح بذرة لتجديد المجتمع في حد ذاته (…) إنه يقدم الكثير”.

بالنسبة إلى مجموعة المبدعين التي نظمت الجناح، فإن إبراز الجوانب الأخرى من السعودية كان مسعى طويل الأمد. تقول المصممة لين عجلان، التي قدمت تحليلا دقيقا لتقنيات الزراعة الصحراوية إلى معرض ميلانو: “إنه مشروع كنت أعمل عليه منذ 3 أعوام”. تلقت عجلان تعليمها في المملكة المتحدة، وتعمل حاليا ضمن فريق علامة الأزياء العالمية COS، وترى أن عملها المستقل ينبع من الروابط الشخصية التي كونتها مع المزارعين والحرفيين الذين يشكلون جوهر بحثها.

وتسير تارا الدغيثر على مسار مماثل، حيث تدرس المجتمعات الزراعية في السعودية من خلال شكل فريد: فن الصوت. تقول: “ما يثير اهتمامي هو الصوت والجسد والذاكرة. كيف يمكن لهذه العناصر أن تتفاعل؟”. ومثل العمران، تنحدر الدغيثر أيضا من المنطقة الشرقية، وقد استخدمت موهبتها في “الإنصات العميق”، كما وصفتها، لإيصال البيئة السمعية لضواحي السعودية البعيدة إلى العالم.

يتفق جميع القيّمين الفنيين والمشاركين على أنه مع تنامي الثقافة الرسمية السعودية الطموحة، لا تزال هناك شبكة دعم قوية تحتضن أعمال الباحثين والمفكرين ذوي التوجهات التأملية والفضولية. تعمل عجلان حاليا على سلسلة من مشاريع المساحات العامة التي سيُعلن عنها قريبا في أنحاء الشرق الأوسط، وتقول “إن الفنانين ذوي التوجهات المشابهة لطالما كانوا حاضرين، وإن لم يكن تمثيلهم واضحا بشكل كاف”.

أما الدغيثر، التي عرضت أخيرا عملا فنيا في بينالي الشارقة، فتلاحظ أن هذا الاتجاه يكتسب زخماً متزايداً، مشيرة إلى أن الأجيال الجديدة تواصل ما بدأته أجيال سابقة من نماذج التنظيم الذاتي والعمل المستقل.

ولتعزيز هذا التطور الاجتماعي الإبداعي، يعمل منظمو “مغراس” على تحويل جناحهم إلى مشروع كتاب، تقول المانع “إنه سيسلط الضوء على التجارب المشتركة لعدد أكبر من أصدقائهم وزملائهم، ما يعزز الروابط داخل المجتمع الفني السعودي، ويوسع نطاقه ليتجاوز المدن الكبرى في البلاد، ليشمل قراها ومزارعها ومناظرها الطبيعية التاريخية”. وكما تقول العمران: “هدفنا هو توسيع الدائرة”.


عدد المصادر التي تم تحليلها: 3
المصدر الرئيسي : الاقتصادية CNN Logo
معرف النشر: ECON-040825-469

تم نسخ الرابط!
2 دقيقة و 36 ثانية قراءة