أثبت العلم الحديث أن تغيرات المناخ وتقلبات الطقس تعد من أخطر التهديدات لصحة البشر في القرن الحادي والعشرين. وقد تبين أن ظروف الطقس المتطرف مثل الحرارة الشديدة والأعاصير والأمطار الغزيرة والفيضانات وحرائق الغابات والجفاف يمكن أن تؤثر سلباً على الصحة العقلية. الأشخاص الذين يعيشون في أحياء فقيرة أو مناطق ريفية بدائية هم الأكثر تأثراً بهذه الصدمات المناخية، إذ يعاني العديد منهم من نقص في المياه النظيفة والغذاء والرعاية الصحية.
قال الباحث سيبريان موستيرت، أخصائي علم النفس وخبير اقتصاديات الصحة، إن الكثير من الدراسات التي تناولت تأثير التغيرات المناخية على الصحة العقلية تم إجراؤها خارج قارة أفريقيا. ولفت إلى ضرورة إجراء أبحاث لفهم هذه المشكلة من منظور المجتمعات الأفريقية التي تواجه صدمات مناخية كبيرة.
أجرى موستيرت دراسة مع زملاء له تناولت تأثير صدمات تغير المناخ على أعراض الاكتئاب والأفكار الانتحارية، وقد تركزت الدراسة على منطقة كيليفي الساحلية، وهي واحدة من أفقر المناطق السكنية في كينيا. عبر الفترة ما بين عامي 2010 و2022، شهدت المنطقة موجات من الجفاف وحرارة مرتفعة وتراجع معدلات الأمطار، مما أثر بشكل كبير على سكانها.
ركزت الدراسة على النساء في فئتين: الأولى من المناطق العشوائية التي تفتقر إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، والثانية من مناطق ريفية تمتلك مياه نظيفة واحتياجات حياة أساسية. كان الهدف هو دراسة تأثير التغيرات المناخية على الصحة العقلية في سياقات اجتماعية واقتصادية مختلفة. شملت التجربة 14 ألف و801 متطوعة، وقد طُلب منهن ملء استبيانات تتعلق بتأثير التغيرات المناخية على مشكلاتهن النفسية.
حسب النتائج، فإن موجات الحرارة أدت إلى زيادة بنسبة 14.9% في الأفكار الانتحارية، بينما الجفاف زادها بنسبة 36.7%. كما وجدت الدراسة أن انخفاض معدلات الأمطار ساهم أيضاً في زيادة الأفكار الانتحارية بنسبة 28.7% بسبب الآثار النفسية المرتبطة بالعيش في المستقبل. وعندما اقترنت الآثار التراكمية لتغير المناخ بارتفاع أسعار الغذاء، زادت هذه الأفكار بنسبة 48.3%.
توصلت الدراسة أيضاً إلى صلات قوية بين ما يسمى “الصدمات المناخية” والصحة العقلية لدى المشاركات، حيث رصد الباحثون زيادة في أعراض الاكتئاب بنسبة 10.8% لدى النساء من المناطق العشوائية مقارنة بنظيراتهن من المناطق الريفية المستقرة.
وأشار موستيرت إلى التأثيرات الاقتصادية والبيئية على التوترات النفسية لدى النساء، مؤكداً على أهمية الاعتراف بتأثير تغير المناخ على الصحة الجسمانية والنفسية. وأوضح أن معالجة المشاكل النفسية الانفعالية يعد أمراً مهماً لبناء مجتمعات قوية قادرة على تحمل صدمات المناخ المستقبلية، مما يستدعي دمج سبل دعم الصحة النفسية في استراتيجيات معالجة تغير المناخ.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 1
المصدر الرئيسي : العربية.نت – وكالات
معرف النشر: MISC-050825-90