السعودية

نقلة نوعية.. علماء “كاوست” يوثقون أولى خطوات نسخ الحمض النووي

%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a9 %d9%86%d9%88%d8%b9%d9%8a%d8%a9 %d8%b9%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%a1 %d9%83%d8%a7%d9%88%d8%b3%d8%aa %d9%8a%d9%88%d8%ab%d9%82%d9%88%d9%86 %d8%a3%d9%88%d9%84%d9%89 %d8%ae

نشهد للمرة الأولى العلماء في لحظة بدء تفكك الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA)، وهي خطوة أساسية تمكنه من أداء دوره كحامل للشيفرة الوراثية لكافة أشكال الحياة. تُوثق هذه الدراسة الجديدة من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، والتي نُشرت في مجلة “نيتشر”، هذه اللحظة الفارقة التي يبدأ فيها الحمض النووي بالتفكك، مما يتيح حدوث سلسلة العمليات اللاحقة في عملية تضاعف الحمض النووي.

تسلط هذه المشاهدة الضوئية على الآليات الأساسية التي تمكّن الخلايا من نسخ مادتها الوراثية بدقة، وهي عملية حيوية للنمو والتكاثر. باستخدام تقنية المجهر الإلكتروني بالتبريد وتقنيات التعلم العميق، رصد مختبرا البروفيسور ألفريدو دي بيازيو والبروفيسور سمير حمدان تفاعل إنزيم الهيليكاز الحلزوني مع الحمض النووي.

قدما أوضح وصف حتى الآن لأولى خطوات تضاعف الحمض النووي، من خلال 15 حالة ذرية توضح كيفية إجبار إنزيم الهيليكاز الحمض النووي على التفكك. يُعتبر هذا الإنجاز نقلة نوعية ليس فقط في مجال أبحاث الهيليكاز، بل أيضًا في دراسة ديناميكيات الإنزيمات بدقة ذرية. وعلى الرغم من إدراك العلماء منذ فترة طويلة لأهمية الهيليكاز في عملية تضاعف الحمض النووي، إلا أنهم لم يكونوا على علم بكيفية تعاون الحمض النووي وإنزيمات الهيليكاز وجزيء الطاقة أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) في عملية منسقة لدفع التفكك.

منذ أن كشف العالمان واطسون وكريك في عام 1953 عن التركيب الحلزوني المزدوج للحمض النووي، بدأ المجتمع العلمي بفهم كيفية تخزين المعلومات الجينية ونسخها. ولكي يتم نسخ الحمض النووي، يجب أولاً فك هذا الحلزون إلى شريطين منفصلين. عند ارتباط الهيليكاز بالحمض النووي، يبدأ بإذابة الروابط الكيميائية التي تُبقي الحلزون المزدوج مترابطًا، ثم يعمل على فصل الشريطين ليسمح لبقية الإنزيمات باستكمال عملية النسخ.

ومن دون هذه الخطوة الأولية، لا يمكن للحمض النووي أن يُنسخ، مما يجعل من إنزيمات الهيليكاز “آلات” نانوية بحكم صغر حجمها. وإذا اعتبرنا أن إنزيمات الهيليكاز “آلات” نانوية، فإن جزيء الطاقة أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) هو “الوقود” الذي يمدها بالطاقة. فكما يُشغل احتراق الوقود محركات السيارات، فإن استهلاك ATP – وهو جزيء يحرك أيضا عضلات الجسم – يُحرّك الهيليكاز لفك الحمض النووي.

قد كشفت الدراسة أن استهلاك ATP يُقلل القيود الفيزيائية، مما يسمح للهيليكاز بالتقدم على شريط الحمض النووي وفك المزيد من الحلزون المزدوج. وهكذا يعمل استهلاك جزيء الطاقة ATP كمفتاح يزيد من “العشوائية” أو “الاضطراب” في النظام، مما يتيح للهيليكاز التحرك بحرية. ووفقًا لدي بيازيو، فإن الهيليكاز لا يستخدم ATP لفصل شريطي الحمض النووي دفعة واحدة، بل يقوم بذلك من خلال سلسلة من التغيرات البنيوية التي تُزعزع استقرار الروابط تدريجيًا.

ومن بين أبرز ما كشفه علماء كاوست هو أن اثنين من الأنزيمات الحلزونية يعملان في وقت واحد على إذابة الحمض النووي في موقعين مختلفين، لبدء عملية تفككه. وبسبب التركيب الكيميائي للحمض النووي، فإن الآلات النانوية قادرة على التحرك في اتجاه واحد فقط على الشريط. وبدلاً من ذلك، يمكن للهيليكاز تنسيق عملية التفكك في اتجاهين بكفاءة طاقية مميزة.

ووفقًا لدي بيازيو، يُظهر هذا الإنجاز أن دراسة نسخ الحمض النووي ليست مجرد محاولة للإجابة عن أسئلة علمية جوهرية حول الحياة، بل تجعل من إنزيمات الهيليكاز نماذج لتصميم تقنيات نانوية مستقبلية. من منظور التصميم، تمثل هذه الإنزيمات أنظمة ميكانيكية ذات كفاءة طاقية عالية، مما يفتح المجال لتطبيق آليات مشابهة في الآلات النانوية للقيام بمهام معقدة.



عدد المصادر التي تم تحليلها: 2
المصدر الرئيسي : اليوم – ثول
post-id: 132b2167-3686-4fd9-8f45-be3dbe4fda54

تم نسخ الرابط!
2 دقيقة و 37 ثانية قراءة