خبراء لـ”الاقتصادية”: صناديق التحوط تعود إلى الواجهة مع بحث الأثرياء عن عوائد مستقرة
يتجه أصحاب الثروات الكبرى حول العالم نحو صناديق التحوط، التي سجلت تدفقات قياسية بلغت 37 مليار دولار في النصف الأول من العام، وسط توقعات بوصول الأصول المدارة إلى 145 تريليون دولار بحلول 2025، مع سعي المستثمرين لتحقيق عوائد مستقلة بعيدا عن تقلبات الأسهم وضعف عوائدها، وفق ما ذكره مختصون لـ”الاقتصادية”.
أفضى ارتفاع أسعار الفائدة عالميا، إلى جانب صعوبة كبح جماح التضخم، إلى تعقيد المشهد الاستثماري، ففي أبريل الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي أن متوسط التضخم العالمي سيبلغ 6% هذا العام، مع احتمال أن تقلص المخاطر الجيوسياسية من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 0.5%.
في السنوات الأخيرة دخل الاقتصاد العالمي حقبة تتسم بالتقلبات وصعوبة التنبؤ، وسط أجواء من التوترات الجيوسياسية وتسارع التغيرات التكنولوجية، لا سيما صعود دور الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرار الاستثماري. وخلقت هذه المتغيرات انطباعا عاما بالقلق بين أصحاب الثروات الكبيرة، الذين باتوا يبحثون عن أفضل السبل للحفاظ على أصولهم وتنميتها. في هذا السياق، برزت إدارة الثروات كإستراتيجية محورية تساعد كبار المستثمرين على تجاوز التحديات المالية وتعزيز قدرتهم على مواجهة ضغوط الأسواق الراهنة والمستقبلية.
استطلعت “الاقتصادية” آراء عدد من خبراء إدارة الثروات حول أفضل السبل المتاحة أمام أصحاب الثروات الكبيرة للحفاظ على رؤوس أموالهم. يشير الخبير المصرفي هيد واتسون إلى أن قيمة الأصول الخاضعة لإدارة الثروات عالميا ستبلغ 145 تريليون دولار بحلول 2025. وأضاف “يتجه أصحاب الثروات العملاقة لاستثمار أموالهم في صناديق التحوط، التي شهدت في النصف الأول من هذا العام تدفقات قياسية بقيمة 37 مليار دولار وهي الأكبر منذ 2015، ما يعكس رغبتهم في قنوات استثمارية توفر عوائد مستقلة بعيدا عن تقلبات أسواق الأسهم.”
ويؤكد هذا التوجه ما توقعه بنك “جي بي مورغان” للأسواق، إذ رجح أن تحقق الأسهم عوائد متواضعة تتراوح بين 4% و6% هذا العام، بينما قد تصل عوائد بعض صناديق التحوّط الدولية إلى 12%–17%.
من جهتها، ترى إيلا راي سميث، الرئيسة السابقة لقسم إدارة الثروات في مجموعة “نات ويست” المصرفية، أن تنويع المحافظ الاستثمارية عبر استثمارات بديلة في العقارات والأسهم الخاصة يتيح فرص نمو واعدة، مشددة على أهمية التنوع الجغرافي.
وتقول “تمتلك الأسواق الناشئة، مثل الهند وجنوب شرق آسيا ودول الخليج وبعض الدول الأفريقية، آفاق نمو قوية بنسب تتجاوز 6%، وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي. ويمكن لمديري الثروات تحديد الفرص وإدارة المخاطر المرتبطة بهذه المناطق.”
يرى الخبير الاستثماري بوب درايتون أن محركات الاستثمار التقليدية كعمليات الدمج والاستحواذ لم تعد كافية للحفاظ على الثروات. ويشير إلى ضرورة اعتماد أولويات نمو جريئة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الراهنة.
“يتعين على أصحاب الثروات اتخاذ تدابير قصيرة الأجل لتعزيز المرونة، مع التركيز على كفاءة التكاليف في استثماراتهم، وتوجيه رؤوس الأموال نحو قطاعات ذات نمو مرتفع.” يقول درايتون.
بدورها، تشيد الدكتورة بليندا سنيكر، أستاذة النظم الاستثمارية، بأهمية “الانضباط العاطفي” في الحفاظ على الثروات خلال الأوقات المضطربة. وتوضح “غالبا ما يدفع الخوف والجشع إلى قرارات استثمارية سيئة، وهنا تكمن قيمة الخبراء في إدارة الثروات، الذين يقدمون نصائح منطقية مدعومة بالبيانات لضمان بقاء المستثمرين ملتزمين بأهدافهم طويلة الأجل”.
وتختتم سنيكر بالإشارة إلى أن النماذج الحديثة لحماية الثروات تتطلب تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقييم المخاطر المحتملة، مما يتيح إجراء تعديلات استباقية على تكوين المحافظ الاستثمارية وترتيب الأولويات، بما يضمن حفظ الثروة عبر الأجيال.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 4
المصدر الرئيسي : الاقتصادية
معرف النشر: ECON-190725-451