الفيدرالي الأمريكي يحسم مصير الفائدة تحت ضغط السياسة والتجارة
يخطو رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وزملاؤه إلى قاعة مجلس إدارة البنك المركزي يوم الثلاثاء للنظر في أسعار الفائدة في ظل ضغوط سياسية هائلة، وتطورات في السياسة التجارية، واتجاهات اقتصادية متضاربة.
في حدث نادر، سيجتمع صانعو السياسات في نفس الأسبوع الذي تصدر فيه الحكومة تقارير الناتج المحلي الإجمالي، والتوظيف، ومقاييس الأسعار المفضلة لدى الاحتياطي الفيدرالي. يجتمع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي يومي الثلاثاء والأربعاء، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يُبقوا على أسعار الفائدة دون تغيير.
انتعاش الاقتصاد الأمريكي في الربع الثاني
تُقدّر الجهات التي تعد التوقعات أن تُظهر الحزمة المكثفة من البيانات انتعاشاً في النشاط الاقتصادي في الربع الثاني، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض حاد في العجز التجاري، بينما تباطأ نمو الوظائف في يوليو. وقد يُظهر التقرير الرئيسي الثالث ارتفاعاً طفيفاً في التضخم الأساسي في يونيو مقارنةً بالشهر السابق.
في حين يُتوقع أن يُظهر التقدير الأولي الحكومي للناتج المحلي الإجمالي الفصلي زيادة سنوية بنسبة 2.4% -بعد انكماش الاقتصاد بنسبة 0.5% في الفترة من يناير إلى مارس- إلا أن تقرير يوم الأربعاء سيكشف على الأرجح عن طلب متواضع فحسب من الأسر واستثمار الشركات.
يشير أوسط التوقعات في استطلاع أجرته “بلومبرغ” إلى زيادة بنسبة 1.5% في إنفاق المستهلكين، مسجلاً بذلك أضعف وتيرة لفصلين متتاليين منذ بداية الجائحة في أوائل عام 2020. كما أثر تذبذب سوق الإسكان على نشاط الربع الثاني.
الشركات تتأنى في تعيين الموظفين
في نهاية الأسبوع، من المتوقع أن يُظهر تقرير الوظائف لشهر يوليو أن الشركات أصبحت أكثر تروياً في التوظيف. ومن المرجح أن يتراجع التوظيف بعد زيادة في يونيو مدعومة بقفزة في الوظائف بقطاع التعليم، بينما من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة قليلاً إلى 4.2%.
يُتوقع أن ترتفع عدد الوظائف في القطاع الخاص بمقدار 100 ألف وظيفة بعد أن سجل أقل زيادة في ثمانية أشهر. خلال النصف الأول من العام، تباطأت وتيرة التوظيف في الشركات مقارنةً بمتوسط عام 2024. كما كان نطاق نمو الوظائف محدوداً نسبياً. ومن المتوقع أن تُظهر أرقام منفصلة ستصدر يوم الثلاثاء انخفاضاً في فرص العمل المتاحة في يونيو.
بدأ عدد قليل من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يبدون قلقهم بشأن ما يعتبرونه سوق عمل هشة، بما في ذلك اثنان قالا إنهما يريان جدوى في النظر في خفض أسعار الفائدة الآن. كما تتزايد الضغوط من خارج المجلس. وقد أعرب الرئيس دونالد ترمب صراحةً عن رغبته في أن يخفض باول وزملاؤه تكاليف الاقتراض على المستهلكين والشركات.
ما رأي “بلومبرغ إيكونوميس”؟
“نعتقد أن التباطؤ الذي يقوده المستهلكون يُشكل خطراً على التوقعات. وبينما فاقت مبيعات التجزئة في يونيو التوقعات، فمن المرجح أن يكون ذلك انعكاساً لزيادات الأسعار الناجمة عن الرسوم الجمركية في فئات معينة من السلع. في نهاية المطاف، ستحدد سوق العمل -التي نتوقع استمرار ضعفها هذا العام- مسار الاستهلاك.”
لطالما وبخ الرئيس باول لبطء تحركه، منتقداً في الوقت نفسه إدارته لتجاوزات في تكاليف البناء تتعلق بتجديد مقر بنك الاحتياطي الفيدرالي في مبنى إكليس في واشنطن.
البنوك المركزية تدعو إلى الصبر
شدد باول ومحافظو البنوك المركزية الآخرون على ضرورة التحلي بالصبر، إذ تُنذر رسوم إدارة ترامب الجمركية بتسارع التضخم مجدداً. وحتى الآن هذا العام، ومنذ فرض مجموعة متنوعة من الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات، اتسمت ضغوط الأسعار بالتواضع.
يُتوقع أن يُظهر تقرير الدخل والإنفاق الشخصي الحكومي لشهر يونيو، والمقرر صدوره يوم الجمعة، تسارعاً طفيفاً في مؤشر التضخم الأساسي المُفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي مقارنةً بالشهر السابق، مما يُشير إلى أن الرسوم الجمركية تُمرر تدريجيا فحسب إلى المستهلكين.
وفي الشمال، من المُقرر أن يُبقي بنك كندا على أسعار الفائدة دون تغيير، لتظل تكاليف الاقتراض ثابتة عند 2.75% للاجتماع الثالث على التوالي، وسط حالة من عدم اليقين التجاري، وتضخم أساسي مُستقر، واقتصاد يبدو أنه يتعامل مع الرسوم الجمركية بشكل أفضل مما توقعه العديد من الاقتصاديين.
سيصدر المسؤولون تقريراً عن السياسة النقدية، لكن لم يُعرف بعد ما إذا كانوا سيعودون إلى التوقعات المحددة أم سيصدرون سيناريوهات متعددة، كما فعلوا في أبريل وسط تقلبات السياسة التجارية الأمريكية. يُتوقع أن تشير بيانات الناتج المحلي الإجمالي على مستوى القطاعات لشهر مايو والتقديرات الأولية لشهر يونيو إلى انكماش في الربع الثاني.
يضغط رئيس الوزراء مارك كارني لإبرام صفقة تجارية مع ترمب بحلول الأول من أغسطس، لكنه وقادة المقاطعات في البلاد قللوا من شأن التوقعات، قائلين إنهم يركزون قبل كل شيء على التوصل إلى اتفاق جيد.
أول أغسطس يحتل صدارة الاهتمام العالمي
على الصعيد العالمي، يحتل الموعد النهائي الذي حدده ترمب يوم الجمعة مركز الاهتمام أيضاً، حيث لا تزال العديد من الدول -بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية وسويسرا- تأمل في إبرام اتفاقيات تجارية.
ستسافر رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى اسكتلندا للقاء الرئيس الأميركي يوم الأحد في محاولتها للتوصل إلى اتفاق. وقد حذر مسؤولو الاتحاد الأوروبي مراراً من أن التوصل إلى اتفاق في النهاية يقع على عاتق ترامب، مما يجعل التنبؤ بالنتيجة النهائية أمراً صعباً.
في أماكن أخرى، من المرجح أن يُبقي محافظو البنوك المركزية في اليابان والبرازيل على أسعار الفائدة دون تغيير، بينما يُتوقع تخفيضها في جنوب أفريقيا وتشيلي وغانا وباكستان وكولومبيا. كما سيترقب المستثمرون التوقعات الجديدة لصندوق النقد الدولي، وقراءات مؤشر مديري المشتريات العالمي، ومجموعة من بيانات الناتج المحلي الإجمالي والتضخم في أوروبا.
آسيا
في آسيا، يترقّب المستثمرون قرار “بنك اليابان” يوم الخميس، حيث يُتوقع أن يُبقي على سعر الفائدة الأساسي دون تغيير عند 0.5%. وستكون تصريحات المحافظ كازو أويدا محط اهتمام الأسواق، لا سيما في ضوء ما أكده نائبه من أن الاتفاق التجاري الأمريكي عزز احتمالات تحقق التوقعات الاقتصادية، وهو عامل حاسم لأي خطوة مقبلة نحو رفع أسعار الفائدة.
في موازاة ذلك، تصدر هذا الأسبوع سلسلة من البيانات التي تُظهر تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، مع صدور أرقام التجارة من الفلبين، وهونغ كونغ، وسريلانكا، وتايلندا، وكوريا الجنوبية، وإندونيسيا. كما تستعد دول المنطقة لنشر بيانات مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي.
وتحظى الصين بمتابعة خاصة مع صدور مجموعتين من بيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر يوليو في نهاية الأسبوع. وسيركز المحللون على ما إذا كان المؤشر الرسمي سيُسجل ارتفاعاً للشهر الثالث توالياً، وعلى استمرار مؤشر “ستاندرد آند بورز غلوبال” (S&P Global) ضمن منطقة التوسع. وستنشر مؤشرات مديري المشتريات كذلك من إندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وماليزيا، والفلبين، وتايلندا، وتايوان، وفيتنام، يوم الجمعة.
أما أستراليا، فستعلن بيانات الربع الثاني التي يُتوقع أن تُظهر تباطؤاً طفيفاً في التضخم الاستهلاكي، ما قد يمنح “بنك الاحتياطي الأسترالي” هامشاً لاستئناف دورة خفض أسعار الفائدة عندما يجتمع في 12 أغسطس.
وفي باكستان، يُحتمل أن يُقدم البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة يوم الأربعاء، قبل يومين من صدور بيانات التضخم الجديدة، وهو ما ينطبق أيضاً على إندونيسيا.
أوروبا
تتصدّر بيانات الناتج المحلي الإجمالي والتضخم في أوروبا المشهد الاقتصادي هذا الأسبوع، وسط ترقّب واسع من المستثمرين وصانعي القرار. ويتوقّع اقتصاديون استطلعت آراءهم وكالة “بلومبرغ” أن تُظهر أرقام يوم الأربعاء ثبات الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو خلال الربع الثاني من العام، بعد تسجيل نمو بنسبة 0.6% في الأشهر الثلاثة الأولى.
وقد ساعد على تحقيق هذا الأداء القوي سابقاً، تسارع عمليات التوريد تحسّباً لإعلان مرتقب من الرئيس دونالد ترمب بشأن فرض رسوم جمركية عالمية. ومن بين الاقتصادات الكبرى في التكتّل، من المتوقع أن تسجل ألمانيا أسوأ أداء، مع انكماش قدره 0.1% مقارنة بالربع السابق. في المقابل، يُرتقب أن تواصل إسبانيا نموها بوتيرة 0.6%، فيما تحقق كل من فرنسا وإيطاليا نمواً طفيفاً.
أما البيانات الخاصة بالاقتصادات الأصغر في منطقة اليورو فستُنشر تباعاً خلال الأسبوع، بدءاً من إيرلندا التي تُعرف بتقلب أدائها وتأثيرها غير المتوقع في مؤشرات الكتلة، والتي ستعلن أرقامها يوم الإثنين.
في موازاة ذلك، يُنتظر أن تؤكد بيانات التضخم في منطقة اليورو، المقرر صدورها يوم الجمعة، ثقة البنك المركزي الأوروبي في نجاحه بكبح جماح الأسعار. وتشير التوقعات إلى ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة 1.9% في يوليو، انخفاضاً من 2% في الشهر السابق، ما يبقيها دون هدف البنك المركزي. أما معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء، فمن المرجّح أن يبقى مستقراً عند 2.3%.
ومع دخول معظم دول أوروبا في موسم العطلات الصيفية، يقتصر الظهور العلني لمسؤولي البنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع على الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، الذي يُنتظر أن يتحدّث يوم الإثنين. كما ستُنشر نتائج مسح البنك المركزي الأوروبي حول توقعات المستهلكين للتضخم يوم الثلاثاء، يليها تقرير الأجور يوم الأربعاء.
أما “بنك إنجلترا”، فيدخل مرحلة الصمت الإعلامي استعداداً لإعلانه المرتقب بشأن أسعار الفائدة في 7 أغسطس. وتقتصر الإصدارات الاقتصادية في المملكة المتحدة هذا الأسبوع على بيانات متعلقة بسوق الإسكان.
عدد المصادر التي تم تحليلها: 5
المصدر الرئيسي : الاقتصادية
معرف النشر: ECON-270725-441