تُعدّ شواهد حضارة دلمون الأثرية متنوعة ومثيرة، وأبرزها الأختام الدائرية التي تم اكتشافها في جزيرتي فيلكا الكويتية والبحرين. تتجلى أهمية هذه الأختام في نقوشها التصويرية التي تعكس مشاهد متكررة تتسم بالتشابه والاختلاف. من بين هذه المشاهد، نجد صوراً لمجالس الشراب التي تعكس طقوساً اجتماعية معينة، حيث يظهر الأشخاص وهم يجلسون ويتناولون الشراب من أوعية عبر أنابيب طويلة.
أحد النماذج البارزة يظهر شخصين يجلسان متواجهين، كل منهما ممسك بأنبوب طويل يخرج من إناء مركزي. هذا النموذج مميز، حيث تم اكتشافه على ختم من فيلكا خلال التنقيب الذي قامت به البعثة الدنماركية في الستينات، وهو يعرض تفاصيل دقيقة تتضمن شخصين يجلسان على مقاعد صغيرة، وجرّة مستطيلة وسط تأليفه. من بين النقوش، يظهر عنصر غامض في الجزء العلوي من التصميم، يصعب تحديد هويته.
نموذج مشابه تم اكتشافه أيضاً على ختم فرنسي يعود إلى منتصف الثمانينات، ويظهر الشخصان بزيّ مشترك يتكون من مئزر طويل، ويظهر قوس مع دائرة شمسية محاطة بشعاعات. هذا العنصر الشمسي يتكرر في مناطق متفرقة من الجزيرة العربية، ويظهر بشكل مميز في بعض الأختام الأخرى، مثل ختم اكتشف في البحرين عام 1987 ويعرض مشهداً مماثلاً.
تتعدد النماذج التي تظهر على الأختام الأخرى، بما في ذلك مشهد يظهر شخصاً يتناول الشراب بمفرده، وآخر يظهر نادلاً بجانب شارب. تشير الدراسات إلى أن الأختام تعكس تقاليد استخدام الأنابيب للشرب من السوائل في الوعاء، وهو تقليد يعود إلى السومريين الذين ابتكروا هذه الأنابيب من مواد ثمينة. كان المشروب الرئيسي في ذلك الوقت هو الجعة، التي كانت لها معبودة تُدعى “نينكاسي”، وهي تعكس أهمية هذا المشروب في الثقافة السومرية.
